الرحمه هي صفة من صفات الله سبحانه و تعالي ، كتبها علي نفسه ، فوسعت كل شيء ، فهو الرحمن الرحيم و هوأرحم الراحمين .
سبحانه و تعالي يداه مبسوطتان بالليل و النهار ، يوالي علي عباده بنعمه و فضله ، و رحمته عز وجل غلبت غضبه ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لَمَّا قَضَي اللهُ الخَلقَ كَتَبَ عِندَهُ فَوقَ عَرشَه ، إِنَّ رَحمَتِي سَبَقَت غَضَبي "
آثار رحمة الله تعالي
رغم أن آثار رحمة الله ظاهرة و بينه في خلقه ، إلا أنها شيء يسير من رحمته سبحانه و تعالي ، ففي الصحيحين قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : " جعل الله الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعه و تسعون جزء ، و أنزل إلي الأرض جزءاً واحداً ، فمن ذلك الجزء تراحم الخلق ، حتي ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبة "
● آثار رحمة الله في رسله
لا يستطيع أي مخلوق من الإنس أو الجن أن يحجب رحمة الله أو يمنعها ، قال الله تعالي : " مَا يَفتَحُ اللهُ لِلنَّاس مِن رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لهَا وَ مَا يُمسِكُ فَلا مُرْسِلَ لهُ مِن بَعْدهِ و هو العَزِيزُ الحَكِيمُ " [سورة فاطر : ٢ ] .
فرحمة الله أدركت إبراهيم و هو في لهيب النار ، ووقي الله بها يوسف وهو في غيابات الجب ، ونالتها هاجر و وليدها في وادٍ غير ذي زرع ، وحصَّلها يونس و هو في بطن الحوت ، و أنقذ الله بها موسي الرضيع و هو في اليمِّ من شرِّ فرعون ، وأنجي الله بها أصحاب الكهف ، وأدركت محمد صلي الله عليه وسلم و صاحبه في الغار ، وهكذا فإننا مهما ضربنا الأمثال فلن نحصي رحمة الله برسله .
● آثار رحمة الله فيما يُصيب المؤمن
تتجلي رحمة الله في المصائب التي يقدرها الله سبحانه و تعالي علي عباده المؤمنين ، فهي وإن كانت مؤذية و مكروهه ، فإنها تحمل في طياتها الرحمة و الخير ، لان الله عز وجل كتب علي نفسه الرحمه ، ورحمتة سبقت غضبه .
و قد تظهر هذه الرحمه للمصائب أحيانا ، ليتبين لنا ما في المصائب من الرحمة و اللطف ، و قد لا يتبين ذلك في الدنيا ، و لكن تظهر آثار رحمة الله في الآخره بتكفير الذنوب بسبب هذه المصائب .
قال الله تعالي : " و عسي أن تكرهوا شيئاً و هو خيرٌ لكم و عسي أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " [ البقره : ٢٠٦] .
و عن أبي هريره رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه و سلم قال : " مَا يُصيب المُسلِم نَصَبٌ ولا وَصبٌ ولا همٌ ولا حزنٌ ولا أذي ولا غَمٌ - حَتَّي الشَّوكه يُشَاكَها ، إلا كفَّر الله لها خطاياه " .
● آثار رحمة الله في المغفره
و من رحمته سبحانه و تعالي بعباده المؤمنين أن يَنْزِل كل ليله إلي السماء الدنيا ، نزولا يليق بجلاله ، إكراماً للسائلين و رحمة بالمستغفرين التائبين . ففي الحديث المتفق علي صحته ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " يَنزِلُ رَبَّنا تَبارَكَ وَتعَالَي كُل لَيلَه إلي السَّمَاء الدُّنيَا ، حِينَ يَبقَي ثُلث اللَّيل الأَخِير وَ يَقُول : مَن يَدعُونِي فَأسْتَجِب لَه ، مَن يَسْألني فأُعطِيهِ ، مَن يَستَغفِر فَأغْفِر له " .
تتجلي رحمته سبحانه و تعالي بفتح بابه للمستغفرين و يبسط يده للسائلين : " قُل يَا عِبَادِيَ الذِينَ أَسرَفُوا عَلي أنْفُسهِم لا تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ اللهِ إن الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعا ، إنهُ هُوَ الغَفُور الرَّحِيم " [ سورة الزمر : ٥٣ ] .
● آثار رحمة الله بالنساء
تجلت آثار رحمة الله بالنساء ، وذلك عندما أوصي صل الله عليه وسلم بهن ، فحث علي الرحمه بالنساء و الإحسان إليهن ، ففي الصحيح البخاري قال النبي صلي الله عليه وسلم : " مَن يَلِي من هَذِهِ البَنات . شيئاً ، فأَحْسَنَ إليهنَّ ، كنَّ لهُ سَتراً مِن النَّار " .
فعلينا أن نتقي الله في النساء و الإهتمام بأمورهن خشية وقوع الظلم عليهن ، و عدم الإستيلاء علي حقوقهن .
● آثار رحمة الله في تعليم الانسان
و من آثار رحمة الله سبحانه و تعالي بالإنسان أن علمه ما لم يعلم ، حيث أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيء و جعل له السمع و البصر و الفؤاد و علمه الفهم و الإدراك و الإفصاح عما يعلمه و يفهمه ، قال الله تعالي : " الرَّحْمَن . عَلَّم القُرْآن . خَلَقَ الإِنْسَانَ . عَلَّمهُ البَيَان " [ سورة الرحمن : ١ الي ٤] .
لا تقنطوا من رحمة الله
يتساءل كثير من الناس عن بعض الذين أسرفوا علي أنفسهم في الملذات و قضوا أعمارهم في إرتكاب المعاصي و المحرمات ، ولم يعملوا شيئاً من الحسنات ، أنَّي يغفر الله لهم ؟
يقول الله تعالي في ندائه الرباني : " قُل يَا عِبادِي الذِينَ أسْرَفُوا عَلَي أَنفُسِهِم لا تَقنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللهِ . إِنَّ الله يغْفِر الذُّنُوبَ جَمِيعَا إِنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيم " [سورة الزمر : ٥٣] .
ما حكم قول : ( لا يرحم ولا يخلي رحمة ربنا تنزل ) ؟
لا يجوز التلفظ بمثل هذه العبارات لما تتضمنه من الكفر بالله تعالي ، فالله سبحانه و تعالي له القدره المطلقه فلا يعجزه شيء ، فمن هذا المخلوق الفقير الذي لا يملك من أمر نفسه شيئاً ولا حول له ولا قوة إلا بالله حتي يمنع رحمة الله عن عباده ؟
قال الله تعالي : " مَا يَفتَحُ اللهُ للنَاسِ مِن رَحْمَة فَلاَ مُمْسِك لهاَ و مَا يُمْسِك فَلا مُرسِلَ مِن بَعدَُه وَهُو العَزِيزُ الحَكِيم " [سورة فاطر : ٢ ] . و في الغالب أن هذه العباره لا تخرج إلا من جاهل بعظمة الله سبحانه و تعالي و أسمائه و صفاته .
تفسير ( الرحمة ) في المنام
قال عبد الغني النابلسي قال : من رأي في المنام رحيماً يرحمَ ضعيفاً فهي دلاله علي الإيمان و صلاح الدين ، و من رأي أنه رحيم فهي بشاره له بحفظ القرآن الكريم ، ومن رأي أنه يقرأ آيات الرحمه و لم يتمكن من قراءتها دل ذلك علي الضيق و الهم .
وتلاوة القرآن في المنام شفاء و رحمة من المرض و السقم ، قال الله تعالي : " و نُنزِّل مِن القُرْآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَ رَحمَةٌ للمُؤمِنِيِن " .
فلنثق دائما بأن الله كله خير..وبأن مشيئته كلها رحمة.
ردحذفبارك الله فيك
ردحذف