إن شهر رمضان هو شهر عظيم ، عظَّمه الله يوم إختصَّه بإنزال القرآن ، فقال سبحانه و تعالي : " شهرُ رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدي للناسِ و بيناتٍ من الهُدي و الفرقان " [سورة البقرة :١٨٥] .
ولقد خص الله عز وجل شهر رمضان بفضائل عن بقية الشهور ، من أهم هذه الفضائل كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " هذا شهرُ رمضان قد جاءكم تُفتح فيه أبواب الجنة و تُغلق فيه أبواب النار و تُسلسل فيه الشياطين " [أخرجه النسائي ].
فضل أول ليلة في صيام رمضان
عن ابي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين وغُلِّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفُتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب ، وينادي منادي كل ليله : يا باغِيَ الخيرِ أقْبِل ويا باغِيَ الشر أقصِر ، ولله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة " [أخرجه الترمذي في السنن] .
معني تصفيد الشياطين
يقصد بتصفيد الشياطين في رمضان هو ربطها و تقيدها وجعل الأغلال عليها ، فحين تصفد الشياطين فإنها لا تعود قادرة علي إغواء المسلم و تحريك شهواته أو إفساد صومه ، ولا تستطيع فعل ما تفعله خارج رمضان .
وعند إتيان المسلم للمعصيه وفعل الشر فإنه يلوم نفسه علي ذلك ولا يتعلل بأن الشيطان هو الذي أغواه ، إذ أن الشياطين ضعيفه في رمضان ولا تكون علي حالها الذي تكون فيه في غيره من الشهور .
هل تصفيد الشياطين تمنع حركتها ؟
إن تصفيد الشياطين في رمضان لا تمنع حركتها بل تكون ضعيفه ، أو أنه يُصفد المَرده منها فقط ، ولذلك جاء في الحديث : " ويُصفَّد فيه مَردة الشياطين فلا يَخلُصوا إلي ما كانوا يخلُصون إليه في غيره" [ رواه أحمد ] .
إذاً ليس المُراد أن الشياطين لا تتحرك أبدا بل هي تتحرك ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره والله أعلم .
شياطين الإنس
يعمل الشياطين علي إغواء الناس ، قال الله تعالي " فَبِعِزتك لأُغوِينَّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " [سورة ص :٨٢] .
فإذا كانت الشياطين تُصفَّد في رمضان فإن هذا لا يعني أن يكون الإنسان بلا ذنوب ولا دافع للمعصيه ، فالإنسان قد تغويه نفسه و أصدقائه و تحرضه علي المعصيه .
فتصفيد الشياطين في رمضان ليس علي العموم لان من الشياطين من هو مُرسَل لإِغواء الناس ، وقد حذرنا منه القرآن الكريم في قوله تعالي " إن الشَيطان لكم عدو فإتخذوه عدوا إنما يدعو حِزبه ليكونوا من أصحاب السعير " [ سورة فاطر :٦ ] .
فيمكن أن تكون الذنوب التي يقترفها المسلم بسبب الهوي الذي يتبعه الإنسان و النفس الأمَّاره بالسوء و كذلك حب الدنيا و التعلق بمتاعها الزائل .
إن شياطين الإنس أشد خطرا علي الإنسان من شياطين الجن ، لان شياطين الجن حين نستعيذ بالله منها تنصرف اما شيطان الإنس فهو ملازم إلا إذا إجتنبته ، فعلي المسلم أن يذكر الله كثيرا و يكون علي يقين أن الله سيعينه علي طاعته و مقاومة المعاصي .
الفرق بين الجن و الشياطين
الجن هو جنس من المخلوقات خلقهم الله لعبادتة كالإنس ، " وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدونِ " [سورة الذاريات : ٥٦] .
و الشياطين هم المردة من الإنس و الجن ، قال الله تعالي : " جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلي بعض زُخرُفَ القولِ غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون " [ سورة الأنعام : ١١٢] . و هنا المقصود أن الشياطين يكونوا من الجن و من الإنس وهم المردة المتعدون لحدود الله يقال لهُم : شياطين .
و الشيطان الذي هو أبو الجن علي رأسهم ، و هكذا من تمرد من ذُرِّيته و تعدي الحدود هو شيطان ، و من إستقام علي أمر الله ليس من الشياطين ، بل هو من المؤمنين كما قال تعالي " و أنَّ منَّا الصالحون و مِنَّا دون ذلك كنَّا طرائق قِددا " [سورة الجن : ١١] .
تعليقات
إرسال تعليق