شهر رمضان المبارك هو شهر الأعمال الصالحه التي يستطيع أن يقوم بها العبد ، وقد ميَّز الله تعالي هذا الشهر بكثير من المزايا و الخصائص عن باقي الأشهر الهجرية ، فعلي العبد أن يحرص علي إستغلاله بالأعمال الصالحه التي ترضي الله تعالي .
التوبة النصوح
شهر رمضان هو شهر التوبة و الغفران و العتق من النار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إذا كان أول ليلة من رمضان ، صُفِّدت الشياطين و مَرَدة الجن و غُلِّقَت أبواب النار فلم يُفتح منها باب ، و فُتِّحت أبواب الجنه فلم يُغلق منها باب ، ونَادى منادِ : يا باغِيَ الخير أقبل ، و يا باغيَ الشر أقصِر ، ولله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة " [رواه الترمزي] .
فهذا هو شهر رمضان ، شهر التوبات و قبول الدعوات ، شهر يفرح فيه المسلمين : المحسن يزداد إحساناً ، و المُقصِّر يستغفر و يتوب ، قال الله تعالي " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات و يعلم ما تفعلون " [سورة الشورى : ٢٥] .
و التوبة لا تصح بغير عمل حقيقي يخلص لوجه الله تعالي ، و التوبة لا تكون لأيام ولكنها تكون علي الدوام " وَ مَن يعمل سُوءً أو يَظلِم نَفسَهُ ثُمَّ يَستَغفِر الله ، يَجِد الله غَفُوراً رَحِيم " [سورة ال عمران: ١٣٥] .
ومن علامات التوبة البكاء علي ما سلف ، والخوف الدائم من الوقوع في الذنوب مرة أخري ، والإبتعاد عن أصحاب السوء .
قراءة القرآن و تدبره
يستحب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم في رمضان ، كما يستحب الإجتماع في المساجد لتلاوته ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما إجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينه و غشيتهم الرحمه و حفتهم الملائكه و ذكرهم الله فيمن عنده " [صحيح مسلم] .
قال الله تعالي " الذين يذكرون الله قياماً و قعوداً و علي جنوبهم" [ ال عمران :١٩١]
الدعاء و الذكر في رمضان
شهر رمضان هو شهر البركات فيجب علي العبد أن يستغله بالدعاء لله سبحانه و تعالي مستغفراً عما إرتكبه من ذنوب و معاصي طوال العام .
و من أفضل الأدعية التي يتضرع بها المسلم لربه في رمضان " اللهم إجعل صيامي فيه صيام الصائمين ، وقيامي فيه قيام القائمين ، ونَبِّهنِي فيه عن نَومَةِ الغافلين ، و هب لي جُرمي فيه ياالله يا إله العالمين ، وإعف عني يا عافياً " .
ثم يأتي دعاء إستطلاع هلال رمضان الكريم ، فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " اللهم أَهلِلهُ علينا باليُمن و الإيمان والسلامة الإسلام يارب العالمين " .
كما يجب أن يبادر الصائم بدعاء الإفطار كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " ذهب الظمأ و إبتلت العروق و ثبُت الأجر إن شاء الله " .
كذلك فدعاء ليلة القدر كما قاله رسول الله صلي الله عليه وسلم " اللهم إنك عفو كريم تُحِبُّ العفو فإِعفُ عنِّي " .
الصدقة في رمضان
كان النبي صلي الله عليه وسلم يُكثر من الصدقه في رمضان عن غيره من شهور السنه ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلي الله عليه و سلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان " [رواه البخاري و مسلم] .
و يستحب الإكثار من الصدقة في رمضان لإعانة الفقراء و المساكين علي الإفطار و السحور ، و قد نصح رسول الله صلي الله عليه و سلم معاذ رضي الله عنه بالتصدق فقال " الصدقه تطفئ الخطيئه كما تطفئ الماء النار " [رواه الترمزي] .
قيام الليل في رمضان
يعتبر قيام الليل في رمضان من أعظم الأعمال وأفضل الصلوات بعد الصلوات المكتوبه ، وقد أمر الله عالي رسوله الكريم بأداء قيام الليل حين قال في كتابه الكريم : " و من اللَّيل فَتَهجَّد نَافِلة لَكَ عَسَي أَن يَبعثك ربَّك مَقاماً مَحموداً " [سورة الإسراء : ٧٩] .
حيث يبدأ وقت صلاة الليل من حين الإنتهاء من صلاة العشاء حتي طلوع الفجر ، وصلاة التراويح و صلاة قيام الليل ليستا صلاتين مختلفتين كما يظن الكثيرون ، فصلاة التراويح هي من صلاه القيام في شهر رمضان المبارك .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبه ، الصلاة في جوف الليل " [رواه مسلم] .
العمره في رمضان
تعتبر عمرة شهر رمضان من أهم مظاهر الشهر الكريم ، فقد ورد في صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : " عمرة رمضان تعادل حجه " .
فالعمره في رمضان تعادل حجه في الأجر و الثواب لكنها لا تجزيء عن الحجه بحيث لو إعتمر المسلم في رمضان و هو لم يؤدي فريضة الحج فلن تسقط عنه الفريضه .
و أجمع العلماء علي أن النبي صلي الله عليه و سلم إصطفي عمرة رمضان عن أدائها في باقي شهور السنه كما قال : " العمره إلي العمره كفاره لما بينهما ، و الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنه " [متفق عليه] .
الإعتكاف في رمضان
كان من هدي النبي صلي الله عليه وسلم في رمضان أنه كان يعتكف العشر الأواخر إلتماساً لليلة القدر ، فالإعتكاف هو سنه مؤكده ، قال أبي هريره رضيه الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبض فيه إعتكف عشرون يوماً . [رواه البخاري]
تحري ليلة القدر
قال الله تعالي " لَيْلَة القَدر خَيرٌ مِن أَلفِ شَهر " [سورة القدر :٣] فهي ليلة عظيمه العمل فيها و الإجتهاد خير من الإجتهاد في ألف شهر مما سواها ، وقد حثَّنا الرسول صلي الله عليه و سلم علي أستقبالها في رمضان فقال : " إلتمسوها في العشر الأواخر من رمضان" ، كما أكد رسول الله صلي الله عليه وسلم تحريها في أوتار العشر الأواخر من رمضان .
و العمل فيها يكون عظيم الأجر و الثواب ، فقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : " من قام ليلة القدر إيماناً و إحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه " .
و قيامها هو إحيائها بالتهجد فيها و الصلاة و الدعاء ، و من دعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم : " اللهم إنك عفو تحب العفو فإعف عني " و قوله : " اللهم إعتق رقابنا من النار" .
تأخير السحور و تعجيل الإفطار
من الأعمال المستحب القيام بها في رمضان هو العمل بسنة رسول الله صلي الله عليه و سلم ، فالسحور من سنن الصيام ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لاتزال أمتي بخير ما أخَّروا السحور و عجَّلوا الفطر " [الإمام أحمد في المسند ] . ويقول أيضا رسول الله صلي الله عليه و سلم : " تسحَّروا فإن السحور بركة" . و في حديث آخر : " تسحَّروا ولو بجرعة ماء" .
تفطير الصائمين
تسحير الصائمين و تفطيرهم كلها أعمال فاضله و هي تندرج تحت فضل إطعام الطعام لانه يحقق المودة و الألفه بين المؤمنين ، وفي حديث زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنه : " من فطر صائماً كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينتقص من أجر الصائم شيئا " [أخرجه الترمزي] .
و لولا أن تفطير الصائمين له أجر لما دعي به رسول الله صلي الله عليه و سلم حين قال : " أَفْطرَ عِندكُم الصَّائمُون ، و أَكَل طَعامَكُم الأَبْرار ، و صلَّت عَليكُم المَلائِكة " [حديث صحيح] .
كل عام و انتم بخير.
ردحذف