خلق الله الكون بحكمته سبحانه و تعالي : فقد خلق الإنسان و صوره ، وخلق الكون و أبدعه ، وله في كل خلق شأن وله في خلقه شؤون .
لقد خلق الله سبحانه وتعالي من البشر رجالا إصطفاهم بالنبوة و الرسالة ، وإختار أماكن جعل فيها العظمة كمكه المكرمة و المسجد الأقصي ، و إختار من الأزمان شهر رمضان الذي خصه بفريضة الصيام ، و إختار في هذا الشهر الكريم ليالي هي أفضل ليالي وهي العشر الأواخر ، و إختار من هذه العشر الأواخر ليلة عظيمة مباركة وهي ليلة القدر التي أُنزل فيها القرآن الكريم .
ليلة القدر
يالها من ليلة عظيمه ! أنزل الله فيها سورة كاملة " إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر " [ سورة القدر] .
وقد عظَّم القرآن من شأن هذه الليله فأضافها إلي "القدر" أي المقام و الشرف ، وفضَّلها بأن جعلها خير من ألف شهر : أي العباده فيها خير من العباده في ألف شهر ، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريره " من قام ليلة القدر إيمانا و إحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه " [رواه البخاري] .
ولقد خص الله تعالي هذه الليله بالعظمة حيث أنزل القرآن فيها ، وإختصها بالبركه لانه يقدِّر فيها ما يجري في العام من حوادث و يقدِّر فيها الأرزاق و الآجال و الناجون و الهالكون و السعداء و الأشقياء .
يحذر النبي صلي الله عليه وسلم من الغفله في هذه الليله و إهمال إحيائها ، فيُحرم المسلم من خيرها و ثوابها ، فيقول لأصحابه : " إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حُرمها فقد حُرم الخير كله ، ولا يُحرم خيرها إلا محروم " [ رواه بن ماجه من حديث أنس بإسناد صحيح ] .
لماذا أُخفيت ليلة القدر ؟
من المؤكد أن لله حكمه في إخفاء هذه الليله وعدم معرفتنا بها ، ولعل السبب في ذلك يرجع إلي أن الله سبحانه و تعالي أراد أن يحث عباده المؤمنين علي إتقان العباده وعلي تقديم الطاعات في كل ليلة من ليالي رمضان ، لان المعرفه بليلة القدر سوف يجعل العبادة مقتصره علي يوم واحد فقط ، لكن الله سبحانه و تعالي أراد أن تكون العشرة الأواخر من رمضان هي العشرة المليئة بفعل الخيرات من كل المسلمين ، وسوف يحرص كل مسلم علي تحري ليلة القدر .
دعاء ليلة القدر
ليس هناك دعاء ثابت لليلة القدر ، غير أن هناك دعاء مأثور عن رسول الله صلي الله عليه وسلم و هو ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يارسول الله : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، بم أدعو ؟ قال : قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فإعفو عني "
كما كان أكثر دعاء النبي في رمضان " ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار " .
ماذا تفعل الملائكة عندما تنزل الي الأرض في ليلة القدر ؟
في هذه الليلة المباركه تنزل الملائكه بالرحمه علي عباد الله التائبين المستغفرين والقائمين بالليل التالين لكتاب الله و المصلين ، لذلك أرشدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين " من قام ليلة القدر إيمانا و إحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه " .
و قال بن عباس رضي الله عنه في بيان فضل ليلة القدر و ما تفعله الملائكه مع عباد الله المجتهدين في العباده ، قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : " إذا كان ليلة القدر ، تنزل الملائكه الذين هم سكان سدرة المنتهي منهم جبريل ، ومعهم ألويه ينصب منها لواء علي قبري و لواء علي بيت المقدس و لواء علي المسجد الحرام و لواء علي طور سيناء ، ولا تدع فيها مؤمناً ولا مؤمنة إلا تُسلِّم عليه ، إلا مدمن خمر و آكل الخنزير و المتضمخ بالزعفران " .
أفضل الأعمل في ليلة القدر
☆ الإعتكاف : كان النبي صلي الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان في المسجد طالبا ليلة القدر ، و يهدف الإعتكاف أن يتفرغ المسلم لعبادة الله و أن ينقطع عن الدنيا و مشاغلها .
☆ قيام الليل : وقيام ليلة القدر يكون بالتهجد فيها و الصلاة ، ولا يقوم بإحياء ليلة القدر إلا المسلم الذي يرجو ثواب الله و مغفرة ذنوبه ، قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : " من قام ليلة القدر إيماناً و إحتسابا ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيمانا و إحتسابا ، يغفر الله ما تقدم من ذنبه " [متفق عليه] .
وقد تحدثنا سابقا عن صلاة التهجد بالتفصيل ، لمعرفة المزيد إضغط هنا .
☆ الدعاء : قال رسول الله صلي الله عليه و سلم لعائشه رضي الله عنها أن ندعوا في هذه الليله المباركه : " تقولين : اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فإعف عنا " .
☆ إيقاظ الأهل للصلاة : فقد كان من هدي النبي أن يوقظ أهله للصلاة و التهجد في العشر الأواخر لإدراك ليلة القدر فقد قال الله تعالي : " وأمر أهلك بالصلاة وإصطبر عليها " [سورة طه : ١٣٢] .
اللهم بلغنا ليلة القدر !
ردحذف