خلق الله سبحانه و تعالي الحمار و أعطاه عقلاً علي قدر حجمه ، أما الإنسان فخلقه و أعطاه عقلاً يفوق حجمه ، و هذا يعتبر تكريما ربانياً لما خص الله به الإنسان و فَضَّلهُ علي جميع المخلوقات . قال تعالي : " و لقد كرمنا بني آدم..."
الحمار : غبي أم عنيد ؟
عندما نصف شخصاً ما بأنه حمار ، فهذا يعني في كثير من ثقافات العالم أنه شخصاً غبياً ، مع أن الحمار ليس غبياً ، فذاكرة الحمار تُوصف بأنها قوية و يستخدمها بذكاء .
فيكفي أنه يمشي علي الطريق مرة واحدة ليحفظها طول حياته . و ربما جاء هذا الوصف للحمار بالغباء بسبب عناد هذا الحيوان و ليس لغباؤه .
فالفلاح يضع علي ظهره حملا أكثر من الآزم في بعض الأحيان مما يجعله لا يتحرك به بما أشبعه به صاحبه بالضرب ، و هذا يُؤكِّد أن الحمار " صاحب تقدير جيد " ،
ما هي دلالات الغباء عند الحمار؟
لقد خلق الله تعالي مخلوقاته و سخر لكل منها إمكانياته العقلية و البدنية و النفسية لتوازي هذه الأعمال ، و بهذا يكون الله سبحانه و تعالي قد خَلق الإنسان ليُضاهي الإنسان بالعقل و الأعمال ، و يكون خلق الحمار لمهام خاصة يقوم بها.
و نجد أن الحمار يقوم بعمله للإنسان بقمة الوفاء و الإخلاص بل و الذكاء ، مع أنه يتحمل قسوة و إجحاف الإنسان بحقه و ظلمه له و إنكار دوره.
و برغم أن الحمار يقوم بمهامه التي يُكلِّفه به الإنسان إلا أننا نجد أن الإنسان يهوي عليه بالضرب و اللعن و يصف أحيانا صاحبه أو إبنه أو جاره أو زميله بأنه حمار
إذن فلماذا خصصنا الحمار بالذات بتهمة الغباء؟
و يجيب علي هذا السؤال أحد العقلاء بأن الحمار غبي لأنه يخدمنا ، فلو كان عنده ذرة من العقل لذهب و خدم مخلوقا آخر غيرنا يكون أكثر رقة و رحمة منا.
ما الفرق بين الإنسان و الحمار؟
من أهم الفروق بين الإنسان و الحمار هو العقل . فبالطبع ليس هناك مقارنة بين جسم الانسان و جسم الحمار . فلو أحضرنا كتابا مثلا ووضعناه أمام الحمار و رجعنا بعد فترة من الزمن فربما نجد أن الحمار قد أكل الكتاب ، و السبب ببساطة أنه حمار .
و مع ذلك فالحمار يعيش في نعيم و ليس لديه مشكلة في السكن ، أو الهاتف المحمول، أو الرغبة المُلحة للحصول علي شبكة نت ، و لا هو متعصب كرويا ، و لا هو قلق علي مستقبل إبنه الجحش لأن مستقبله مضمون.
كما أن الحمار يأكل بقدر حاجته فقط و غير مصاب بأي من أمراض العصر كإرتفاع ضغط الدم أو السكري.
لكن الإنسان خلقه الله تعالي و فضله علي جميع المخلوقات و مع ذلك أساء لنفسه كثيرا. فمثلا:
*) هل رأيت حمار يسرق أخيه؟
*) هل رأيت حمارا يكنز الشعير بينما أخيه الحمار جائع؟
*) هل رأيت حمارا يعذب بقية الحمير لأنهم أضعف منهم أو أنه لا يعجبه ما يقولون؟
*) هل رأيت حمارا يشتم أخاه أو جاره الحمار؟
*) هل رأيت حمارا يضرب زوجته و أبنائه؟
*) هل سمعت أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب للحصول علي الشعير ؟
*) هل رأيت حمارا من دولة عربية يسخر من كلام أخيه في دولة عربية أخري؟
*) هل رأيت حمارا عميلا لدولة أحبته يتآمر ضد حمير بلده؟
*) هل رأيت حمارا دفع مبالغ باهظة لإقامة حفل زواج لإبنته إستضاف فيها رعاة العري و الفجور؟
*) هل سمعت عن حمارا يقترض من البنك بفائدة كبيرة ليغير أثاث أو ديكور بيته؟
*) هل يرضي الحمار أن يترك أولاده يتسكعون بسياراتهم طول الليل و يؤذون خلق الله؟
*) هل سمعت أن حمارا يجلس يشاهد القنوات التليفزيونية و يشاهد أتفه البرامج ذات العري الفاضح؟
سباق التفوق بين الحمار و الإنسان
هناك نوعية من البشر تعشق منافسة الحمير و تشعر بنشوة إذا تفوقت علي الحمار نفسه، ليس في حمل الأثقال و لكنهم يصرون علي مواقفهم حتي و إن كانت خطأ واضح لا يقبل الشك بل و يدافعون عن مواقفهم بشكل يجعلك تضحك بشكل لا إرادي لدرجة أننا أحيانا نظلم الحمار فعلا عندما نتهم الحمار بالغباء و الحمق من خلال وصفنا لبعض الناس بالحمير ، رغم أنهم في الواقع أكثر غباوة و حمقا من الحمير .
بل أننا ربما نكون ألحقنا بالحمار إساءة كبيرة من خلال تشبيهنا لهؤلاء الناس أو وصفنا لهم بأنهم أخوة للحمير، و هي أخوة أعتقد أن لو ترك الحمار خيارا فيها لما قبلها.
لماذا نصف من " لا يغضب" بأنه حمار ؟
بجانب الغباء الذي يوصف به الحمار ، يصف الشافعي رحمه الله ، الذي لم يغضب تحت تأثير دواعي أغضبته أنه حمار- و هذا صحيح، فإن دواعي الغضب الحقيقية يجب أن يغضب لها الإنسان.
والحمار بالفعل ليس له رده فعل غاضبة، فصاحبه يسبه و يضربه و يعامله بأسوأ الطرق ، و مع ذلك لا يظهر ردة فعل غاضبة مما يدفعنا الشعور بأنه ليس له إحساس و لا كرامة.
فالحمار لا تثيره مشاعر الغضب و لا محفزاته. و لذلك وصف الشافعي المرأ المستغضب بمحفزات الغضب و مقوماته و ما يدعوه لذلك، و لم يغضب بأنه حمار.
كيف تعرف أنك حمار؟
هناك حالات يتشابه فيها الإنسان و الحمار ، و هناك حالات يكون فيها الإنسان أقل مرتبة من الحمار . و لكن كيف تعرف أنك حمار؟
إذا كنت ثرثاراً و كثير الكلام ، فأنت لست حماراً ، فالحمير تعمل دون كلام و لكنك تتكلم أكثر مما تعمل.
هل تستيقظ مبكراً أم تنام لوقت متأخر من الصباح؟ إذا كنت تستيقظ مبكراً للعمل فأنت لست حماراً .
هل ترضي بالقليل؟ إذا كان الجواب : لا، إذن فأنت إنسان لأن الحمير هي التي ترضي بالقليل ، أما الإنسان فطماع و جشع و يحاول قدر الإمكان أن يكسب الكثير حتي لو كلفه ذلك القضاء علي الكثير من الناس.
تعليقات
إرسال تعليق