إستقبلنا رمضان بالأمس لدرجة أن مازال هناك بعض الناس يهنئون بعضهم بقدومه . و ها قد مضي رمضان بأسرع مما نتخيل .
وقد أشار النبي صلي الله عليه وسلم إلي مسألة مرور الوقت بسرعة أنها من علامات يوم القيامة ، و ذلك حين قال : " لا تقوم الساعة حتي يُقْبَض العلم ، و تَكثُر الزلازل ، و يتقارب الزمن ، و تظهر الفتن ، و يَكثُر الهرج و هو القتل ، و حتي يكثر فيكم المال فَيَفيض."
سرعة مرور الوقت
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " يتقارب الزمن". و يفسر ذلك بعض العلماء بأن التقارب يمكن أن يكون معنويا، بمعني نزع البركة من الوقت و قلة الإنتفاع بساعاته.
و يري البعض الآخر من العلماءأن بركة الوقت نعمة بيد الله، ولا يصل إليها العبد إلا بفضل الله و عونه و رحمته . فإذا كان الحبل مع الله متصل، مد الله لعبده حبل البركة في الوقت، و أما دون إعمار العلاقة بين الله فلا تتحقق البركة فيما خُطط لها.
و قد ورد عن رسول الله صلي الله عليه و سلم: " لا تقوم الساعة حتي يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، و تكون الجمعة كالساعة، و تكون الساعة كإحتراق السعفة."
أسباب نزع البركة من الوقت
(١) كثرة المعاصي حيث أن المعصية لها أكبر الأثر في حق المال و العُمر و العٍلم و العًمل . يقول الرسول صلي الله عليه و سلم : " و إن العبد لَيُحْرَم الرزق بالذنب يصيبه." رواه الحاكم و صححه.
(٢) الغش و الخداع حيث كثير من الناس يلجئون في البيع و الشراء إلي الخلف الكاذب . و يقول الرسول صلي الله عليه و سلم : " الحلف منفعة للسلعة ، ممحقة للبركة."
(٣) التعامل بالربا حيث الزيادة في المال عن طريق الربا هي زيادة ظاهرية لا بركة فيها لقوله تعالي " يمحقُ الله الربا و يُربي الصدقات." [البقرة : ٢٧٦]
أسباب الرجوع إلي البركة
(١) أن يتقي الإنسان ربه و يُؤمن له بالقَدْر الذي يرضي عنه ، قال تعالي:" و لو أن أهل القرية آمنوا و إتقوا لفتحمنا عليهم بركات من السماء و الأرض و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون." [الأعراف : ٩٦]
(٢) الشكر علي الرزق .يقول الله تعالي: "و إذ تَأذَّن ربكم لإن شكرتم لأزيدنكم و لئن كفرتم إن عذابي لشديد ." [إبراهيم:٧]
(٣) القناعة و الرضا بعطاء الله :يقول الله النبي صلي الله عليه و سلم فيما رواه أحمد في مسنده بسند صحيح : " إن الله يبتلي عبده بما أعطاه ، فمن رضي بما قسم الله له، بارك الله فيه ووسعه ، و من لم يرض لم يبارك له فيه."
كيف نعتبر من سرعة مرور الزمن؟
يجب أن ندرك أن الأوقات الذاهبة هي جزء من أعمالنا مهما حاولنا التهرب منها . فالإنسان يبتعد كل يوم عن ميلاده و يقترب من أجله.
و أذا كنت تفرح بمرور الأيام دون أن تفرق بين ما هو خيراً و نافعاً ، و ما كان شراً و ضرراً . فلا قيمة حقيقية إلا لما كان أيجابياً تفرح به قلوبنا . و علينا أن ننتبه إلي ذلك بالتوبة و الإستغفار و الرجوع إلي الله عز و جل.
فالذنب مهما كان صغيرا فلا يجوز إحتقاره أو التهاون به " لا تُحَقِّرن صغيرة.. إن الجبال من الحصي" و الذنوب تجتمع و تكبر و ربما تجر ما هو أكبر و يكون السقوط في أوحال الذنوب ، بحيث لا نستطيع مغادرة دائرتها.
و ها هو رمضان يغادرنا و لكنه لا يعود في كل عام ، فعلينا أن ننتبه لأنفسنا فلربما لا نستطيع أن نعود لرمضان و لا أن يعود رمضان لنا مرة أخري ، و نسأل الله أن يطيل أعمارنا في الصالحات و أن يتقبل منا صالح الأعمال و كل عام و نحن جميعا بخير و صحة و عافية.
تعليقات
إرسال تعليق