كان الحسد هو أول جريمة ارتكبت في عالم دنيانا . وقد تجسد ذلك في مشكلة إبليس مع سيدنا آدم والتي عَبَّر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى : " خلقتني من نار وخلقته من طين."
وكذلك تجسد الحسد في قضية قابيل هابيل عندما قَرَّب كل منهما قربان : "و أتل عليهم نبأ إبنَي آدم بالحق إذ قَرَّبنا قربانا فتُقُبل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يَتقبل الله من المتقين." [سوره مائدة : ٢٧] ، وتَرصَّد لأخيه "فَطَوَّعت له نَفسُهُ قَتل أخيه فقَتلهُ فأصبح من الخاسرين." [ المائدة: ٣٠]
الفرق بين العين و الحسد
يظن بعض الناس أنَّ العين هي الحسد وذلك لإرتباطِهما ببعض ولكون أن لهما نفس الأعراض، فهما يشتركان في أن كلاهما تتكيف نفسه عند مقابلة العين و المعاينة .
ولكن الحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور. والعين لا تصيب إلا أمرا ملموسا محسوسا واقعيا : كَأنَّما لو إمتلكت سيارة وأصيبت بالعين ، فتنتهي العين بإتلاف السيارة وليست لغيرها من سيارات اخرى قد يمتلكها صاحبها . فليست كل سيارة إشتريتها تتبعها العين. أما الحسد فهو بُغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها، كأن ينبعث من قلب الحاسد حقداً يَتَمثَّل في عدم محبته للخير للمحسود وتظهر على عينيه شرارة الحسد لِما رآه من نعمة على غيره .
فالحاسد يكره نعمة الله ويحب زوالها عن المحسود . فيقول الله تعالى في كتابه العزيز : "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله."
إذن فالحسد في طبيعته يَنْطَوي على العين وبذلك يكون الحسد أعم وأشمل من العين.
أنواع الحسد
النوع الأول : وهو خفيف ويظهر عندما ينتاب الشخص قلقاً أن الآخر يمتلك ما يتمناه هو وهذا أقرب الى الإعجاب.
النوع الثاني : وهو خبيث ، وبالأخص عندما يصاحبه السعي للإمتلاك عن طريق السلب أو إثاره المشاكل للشخص المحسود. ويرافق هذا الشعور الشماتة عندما يفرح الإنسان لحزن المحسود.
أعراض الحسد القوي في البيت
*) حدوث كثيراً من المشاكل والمشاحنات في البيت لأتفه الأسباب مما يؤدي الى عدم وجود الهدوء والإستقرار بل سيطرة الحزن واليأس والإحباط عليه.
*) تَغَيُّر أسلوب الحديث بين أفراد الأسرة: فهم دائما ما يتفقون على ألاَّ يَتفقوا . وكذلك رغبة كل أفراد الأسرة في الإنعزال وعدم الحديث مع بعضهم.
*) عدم الشعور بالراحة والسعادة رغم وجود كل الأسباب التي تسبب لهم ذلك .
*) إصابة أفراد الأسرة ببعض الأعراض المرضية المزعجه مثل الصداع والإكتئاب.
*) شعور أفراد الأسرة الدائم بالكسل والخمول وعدم الرغبة في إنجاز الكثير من المهام الأسرية ورغبتهم الدائمة في النوم.
*) ظهور رائحة مقززة وغير محببة في المنزل وعدم زوالها رغم الكثير من المحاولات للتخلص منها بكل أشكال النظافة.
*) إنتشار الحشرات في المنزل بحيث لا يمكن لأفراد المنزل التخلص منها مثل إنتشار النمل والصراصير والقمل و البق وغيره.
*) تشقق جدران المنزل بل ووقوع أجزاء من أحد الجدران بدون سبب.
*) إحتراق الكثير من المصابيح الكهربية والأجهزة المنزلية الموجودة بشكل جماعي رغم أنها كانت بحالة جيدة.
*) كثرة إنفاق المال في غير نفع ، وهذا ما يسمى عدم وجود البركة في المال والمنافع العائدة على أهل البيت.
إصابه الإنسان نفسه أو أهل بيته بالعين والحسد
يمكن أن يصيب الإنسان نفسه أو شخصا آخر من أهل بيته بالعين والحسد دون أن يقصد. قال الله تعالى : "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم". كما قال الله تعالى:" ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوه الا بالله ."
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كُل ذو نعمة محسود ." فكل شخص لديه نعمة فهو مُعَرّض للحسد الذي هو ثمني زوال تلك النعمة منه. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدُكم ما يعجبه في نفسه وأهله وماله، فليقل "ما شاء الله لا قوه إلا بالله فإن العين حق." [ صحيح جامع]
تحذير دار الإفتاء من العين والحسد
حذرت دار الإفتاء المصرية من العين والحسد موضحة أن العين لها تاثير على الإنسان بالحسد كما ورد في القرآن والسنة.
فينبغي على الحاسد أن يبتعد عن هذا الخُلق الذميم المَنْهي عنه شرعاً .فالحسد يضر الحاسد في دينه، فيجعله ساخطاً على قضاء الله كما يضره في دنياه فيجعله يتألم بحسده إلا بما قَدره الله عليه . فلا يجري وراء الأوهام والدجالين لعمل الأحجبة والتمائم، وينبغي أن يُحَصِّن الإنسان نفسه وأهله بقراءة القران والذكر والدعاء.
كيف يتخلص الإنسان من العين والحسد؟
*) قول: " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان هامة، ومن كل عين لآمة، ومن شر همزات الشياطين أن يحضرون." ثلاث مرات صباحا ومساء.
*) و قول : " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ في السماوات والأرض." ثلاث مرات صباحا ومساء.
*) " بسم الله الذي لا يَضُر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم."
*) قراءة سورة الفاتحة والمعوذتين : الفلق والناس.
*) قراءة آيه الكرسي وأواخر سورة البقرة.
تعليقات
إرسال تعليق