ظاهرة السيلفي : أسبابها ، عيوبها و مزاياها

  كلمة " سيلفي" Selfie "، هي كلمة إنجليزية تعني الصور الذاتية . وقد تم إستخدام الكلمة لأول مرة عام ٢٠٠٢ في إحدى منتديات الإنترنت ،عندما إستخدمها أحد المنتمين للمنتدى لوصف صورة ذاتية إلتقطها لنفسه .

 ثم إنتشرت الكلمة وإكتسبت شُهرة واسعة ،وخصوصا مع إنتشار الهواتف الذكية المزودة بكاميرات أمامية . وفي عام 2013 تم إدراج كلمة سيلفي في قاموس أكسفورد الإنجليزي ثم إختيارها  كلمة العام ،نظرا لشعبيتها الكبيرة وإنتشارها.

و يري بعض الناس أن السيلفي هي وسيلة للتعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين ،بينما يراها آخرون إنعكاسا للتركيز الزائد على الذات في ظل التكنولوجيا الحديثة.

 أسباب إنتشار ظاهرة السيلفي 

أدي التطور التكنولوجي بواسطة الهواتف الذكية المزودة بكاميرات أمامية عالية الجودة و سهولة إستخدامها إلى تعزيز الرغبة في إلتقاط الصور الذاتية بشكل مفرط ، مما يُعزز الشعور بالتفوق والإعجاب بالذات ، وهو ما يمكن أن يُؤدي إلى تمركز الفرد حول نفسه بصورة كبيرة وذلك بإلتقاط العديد من الصور السيلفي للتركيز على مظهره الخارجي وحياته اليومية ، وكذلك في طلب التأييد من الآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي : الفيسبوك والماسنجر وسناب شات وتويتر ، وتسجيل لحظات سعيدة مع الأصدقاء والعائلة.

  السيلفي وتكريس الأنانية "النرجسية"

تشير الكثير من الدراسات الحديثة أن تصوير السيلفي يرسخ الكثير من السلبيات في نفسية من يقوم بها: زرع الأنانية و حب الذات الأعمي. 

فالإنسان يُولد إجتماعياً بطبعه لأنه لا يعيش بمفرده ، بل أن الوحدة قد تؤثر عليه . ولذلك أرسل الله الأنبياء و الرسل لتعزيز العلاقات الإجتماعية التي يعيشها الإنسان مع الآخرين. و بالتالي ضرورة تَخليه عن صفات " الأنا" ، كي يعاشر الناس و يساعدهم و يساعدونه.

لكن بإختراع الأجهزة الحديثة، فقد عمل مخترعوها المتشبعون بالأفكار الرأسمالية في إشباع الحاجات الفردية ، فقاموا بإختراع ميزة التصوير السيلفي في الهاتف المحمول و التي يشتغل بها المستخدم بتصوير نفسه و التأمل بملامح وجهه و مكياجه و ملبسه مما يعزز حب الأنا.

 إختلاف الرجل عن المرأة في إلتقاط السيلفي

يقوم الرجال و النساء بإلتقاط صور السيلفي بطرق مختلفة و التي تَظهر كيف يريدون أن يتم رُؤيتهم من قبل الآخرين . فبينما يقوم غالبية النساء بإلتقاط الصور  السيلفي من الزاوية العليا يقوم الرجال بالتركيز على الزاوية السفلى. 

وتؤكد دراسة أُجريت في هذا المجال  أن الرجال يُفضِّلون الجزء السفلي لأن الصورة تُظهرهم أطول وأقوى : العضلات و اللياقة البدنية. بينما النساء يُركزن على الجزء السفلي لإخفاء بعض العيوب في أجسامهم و محاسن وجوههن : أناقة الملبس و تسريحات الشعر والمكياج . كما يقمن بتحرير الصورة وإستخدام الفلاتر لتحسين الصورة وتعديل الاضاءه وتنعيم البشرة وإضافة التأثيرات.

 متي يكون إلتقاط السيلفي حسنا؟

للسيلفي كثيرا من الإيجابيات فهو يعزز الثقة بالنفس عندما يشعر الشخص بالرضا عن مظهره في الصورة مما يكون بمثابة دفعة معنوية للشخص.

كما يعتبر وسيلة مهمة للتعبير عن الشخصية والهوية عن طريق إتاحة الفرصة للإتصال بالأصدقاء والعائلة عبر منصات التواصل الاجتماعي. كذلك فمن إيجابياته أنه يساعد على توثيق اللحظات المهمة والأحداث الخاصة في الحياة اليومية مما يخلق سجلا يمكن العودة إليه لاحقاً .

عيوب السيلفي

قد يؤدي التركيز الكبير على التقاط السيلفي إلى تعزيز الشعور بالنرجسية والإهتمام المفرط بالمظهر الشخصي .

 كما أن مشاركة السيلفي عبر وسائل التواصل قد تؤدي إلى زيادة المقارنات الإجتماعية ،مما يُولد الشعور بالغيرة والحقد والحسد والإحباط عند مقارنة النفس بالآخرين. 

كذلك يدفع السيلفي إلى زيادة الإعتماد على التأييد الإجتماعي والتفاعل الإيجابي على منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز الثقة بالنفس.

ومن أهم عيوبه وسلبياته أيضاً أنه يؤدي إلى إضاعة الوقت والإبتعاد عن الأنشطة المهمة والمنتجة في الحياه اليومية والإجتماعية.

 رأي الدين في السيلفي

يعتمد رأي الدين في السيلفي على نِية الشخص والطريقة التي تستخدم بها هذه التقنية .فإذا كان الإستخدام يتم بما يراعي الأخلاق والقيم والدين فإنه يكون مباحاً ، وإذا كان هناك تجاوزات تتعارض مع التعاليم الدينية فإنه يجب تجنبها.

فمثلاً السيلفي لا يكون ممنوعاً إذا كان يهدف إلي توثيق لحظات أو مناسبات أو إحتفالات شخصية. أما إذا كانت النِة هي التفاخر والرياء والتقليل من شأن الآخرين والتعالي عليهم فيُعتبر هذا السيلفي مكروهاً .

كما يجب مراعاة عدم إحتواء السيلفي على صور مُحرمه وصور غير لائقة تكشف العورات أو تصوير الأشخاص دون عِلمهم.

 كذلك فإن السيلفي يُعتبر من الأمور غير المستحبة إذا كان يشغل صاحبه عن العبادات والإبتعاد عن أداء الفروض والواجبات الدينية أو إذا كان يُؤدي إلى تَصرفات غير أخلاقية مثل الكذب والغش والتلاعب بالحقائق.